ها هوا الآن يرفع الكاميرا، وكلي كراهية لتلك اللحظة. أكره أن تسجل ابتسامتي عيناي الباهتتان وشعري المبعثر أجد نفسي في صراع مع هذه الصورة، صراع يعكس ما هو أعمق بكثير من مجرد مظهر خارجي أكره نفسي وليس ثمة وجه آخر أكرهه بقدر ما أكره تلك الصورة التي تظهر كبريائي الشخصي أمام الآخرين. عندما يتحدث أحدهم عن "الكمال" أو "التميز" في شخصيتي، يتسلل الإشمئزاز إلى أعماقي. كيف يمكنهم أن يروا ما لا أراه؟ أليس من العجيب أن نكون موجودين في عقولهم كصور مثالية، بينما نحن في داخلنا ندرك الفوضى والفشل ؟ أشعر أن هناك نوعا من الخداع في المديح. إنهم يمدحون صورة تظهرني، وليس حقيقتي تلك الحقيقة المخبأة بين ظلالي وذكرياتي المشوشة التي لا أستطيع حتى أن أتفهمها. لقد شهدت نفسي على مر السنوات من خلال صور قديمة، كل صورة تحمل تفاصيل جديدة، سواء كانت سعيدة أو حزينة تداخلت هذه التفاصيل مع مشاعري ومعاركي حتى بدأت كالألغاز في عقلي. لم أكن دائما هذه الكائن المتناقض. كنت أعيش لحظات من الفرح، لكن تلك اللحظات اختفت في طيات الزمن، مفسحة المجال للظلال والذكريات الخافتة. كيف يمكن لهذه الكاميرا أن تمثلني حقا ؟ كيف يمكن لصورة أن تعكس حقيقتي الداخلية عندما أرى في مرآتي انسجاما مختلفًا ؟ هل يمكن أن تحتوي الصورة على مشاعر الفرح والقلق والخوف التي أعيشها ، أم أنها فقط ثبات لحظة عابرة تترك خلفها سيلا من التعقيد؟ لماذا نبتسم عند التصوير، رغم أن الابتسامة قد لا تعكس حقيقتنا؟ هل هي وسيلة للهروب من مرآة الذات، أم أنها تعبير عن رغبتنا في التواصل مع الآخرين؟ أتأمل في تلك اللوحة المزيفة التي نرسمها بأنفسنا، والتي تشهد على تلك اللحظة، بينما نحن في أعماقنا نقاوم الانكسار. يضئ ضوء ساطع عيني ، قد أخذت الصورة تلك اللحظة، التي ينبغي أن تكون خالدة، لكني أشعر أنها لا تعني شيئاً سوى تلك السلسلة من التناقضات. تفترق المشاعر عن الواقع، والأفكار تتصارع. لا يهم الآن.